ليست هي المرة الاولى التي يتم الحديث فيهاعن نوع من الامراض الخطيرة ، و طبعا ً لن تكون الاخيرة، فمنذ أن وجدت الانسانية على الارض وجدت معها الامراض والاوبئة ،كما أوجد الخالق معها الدواء لكل داء.
وبمجرد ان نذكر الامراض الخطيرة يتبادر الى اذهاننا السرطان أو الاورام السرطانية كما يعرفها البعض هو احد هذه الامراض القديمة بقدم الانسان،فاذا عدنا بالتاريخ الى الوراء نجد أن السرطان وصف منذحوالي 2000 سنة قبل الميلاد، لكن وصفه كان على شكل أعراض ومظاهرفقط ، استطاع علماؤنا فيما بعد ان يستنتجوا بانها نفس اعراض السرطان اليوم .
وبفضل التطور العلمي والتكنولوجي الحديث وما أنتجه من وسائل حديثة ساهمت الى حدّ كبير في الكشف عن هذا المرض وغيره التي لم يكن بالامكان الكشف عنها فيما مضى .
العلم والمعرفة هما السلاح الاقوى الذين ساهما في هذا التطور ،وتأكيداً على ذلك أطلقت وزارة الصحة في مسقط بالتعاون مع شركة(هوفمان لا روش ) السويسرية للأدوية والجمعية الأهلية لمكافحة السرطان حملتها السنوية في شهري أكتوبر ونوفمبرالتي تم التركيز فيها على نشر معلومات أساسية حول سرطان الثدي ووسائل الكشف عنه فضلاً عن مناشير تثقيفية وزّعت في مراكز طبية وتجارية عديدة .كما قامت بعض الناشطات من مجموعات الدعم الصحي من وزارة الصحة و شركة روش بجولة على بعض الجهات التعليمية حيث قدمن للطالبات والمعلمات المعلومات الاساسية حول هذا المرض ،ولم تقتصر الحملة على العاصمة مسقط فقط بل تعدتها الى المناطق الداخلية لتكون الفائدة اعم واشمل وقد خرجت الحملة تحت شعار "الكشف المبكر ينقذ حياتك". كذلك شاركت بلدية مسقط بالحملة عن طريق اللوحات الالكترونية المتواجدة على الطرقات الرئيسية وذلك للتعريف عن مدى اهمية الفحص المبكر.
انطلاقاً من شعورنا بالمسؤولية حول ما يخص المرأة وقضاياها الاجتماعية والصحية إرتأينا أن نجري مقابلة مع أصحاب الاختصاص والخبرة في مجال سرطان الثدي ليشرحوا لنا كل مايتعلق بهذا المرض أسبابه،اعراضه ، علاجه وأهم من ذلك كله كيفية الكشف المبكر عنه.
بناء على ما تقدم، توجهنا الى المركز الوطني لعلاج الاورام في المستشفى السلطاني في مسقط لاجراء حديث مفصّل مع الدكتور باسم البحراني إستشاري أورام ورئيس قسم الاورام ، والدكتور مدحت فارس إ ستشاري الاورام ،لكي نستفيد من خبرتهم في هذا المجال ونفيد بذلك جميع القراء .
*التقينا في البداية بالدكتور باسم حيث طلبنا منه ان يوضح لنا ماذا تعني كلمة ورم وماعلاقتها بالسرطان بالتحديد ؟
الورم هو النمو المستمر غير الطبيعي والتكاثر العشوائي لخلايا الجسم حيث تفقد الخلايا القدرة على الموت فتبدأ بالتكاثر بشكل سريع مما يؤدي الى تكوين كتلة نسيجية غير طبيعية وهي الورم.
*نسمع أن هناك الورم الحميد والورم الخبيث فهل هناك أنواع للورم وما هي؟
تقسم الأورام إلى نوعين:
الأورام الحميدة وتتميز ببطء معدل النمو وعدم الأنتشار إلى الأعضاء الأخرى من الجسم أو الأنسجة المحيطة بها حيث أنها تنمو ضمن كبسولة محيطة بها ولا تعود اذا تم استئصالها بشكل صحيح.
وهذا النوع من الاورام غير مؤذي ولكنه قد يسبب اعراض جانبية وذلك عن طريق الضغط على الأنسجة المحيطة به ومثال على ذلك الأورام الحميدة في المخ.
*وماذا عن الأورام الخبيثة؟
الأورام الخبيثة هي ماتعرف بالسرطان وتتميز بسرعة النمو والإنتشار والتوسع إلى الأعضاء أو الانسجة المحيطة بها وإلى مناطق بعيدة من حالة عدم العلاج وذلك عبر طريق الدم أو الأوعية الليمفاوية وأنها قد تعود أو تنتشر بعد الاستئصال.
*كيف تنتشر هذه الأورام؟
الأورام الخبيثة تنتشر موضعيا أو تنتشر انتشارا عاما في الجسم مما يؤدي إلى تكون أورام ثانوية كالورم الأصلي وقد سميت بالسرطان لأن الأوعية الدموية المنتفخةحول الورم تشبة أطراف سرطان البحر.
*اي الاجزاء معرضة اكثر للإصابة بهذه الاورام ؟
السرطان يمكن أن يصيب أي جزء من أجزاء جسم الإنسان وهي كثيرة ومختلفة حيث يعتمد نمو وأنتشار السرطان حسب نوع الورم فعلى سبيل المثال هناك عدة أنواع لأورام الثدى منها الأورام الحميدة وهي الاكثر شيوعا وهناك الأورام الخبيثة مثل سرطان الثدي وسرطان الرئة والمعدة والقولون وغيرها.
*ماهو العلاج لهذا المرض بشكل عام ؟
هناك أنواع كثيرة لعلاج السرطان ومنها:
العلاج الجراحي والعلاج الأشعاعي والعلاج الكيميائي والعلاج الهرموني والعلاج المناعي.
ولكن يختلف التعاطي معها حسب نوع الورم ومرحلته.
وعن اعراض مرض السرطان بشكل عام وضح الدكتور باسم بقوله :
تختلف أعراض السرطان حسب نوع الورم ، مكانه، مصدره ، ومرحلة الورم ولكن بشكل عام:
نقص غير مقصود في الوزن مع عدم وجود أي تفسير له وفقدان شهية بدون تفسير ووجود كثلة في أي مكان من الجسم خاصة الثدي عند المرأة وسعال مستمر مع عدم الاستجابة للعلاج وقد يكون مصحوبا مع دم وبحة أو خشونة حديثة في الصوت وصعوبة في البلع وسوء هضم حديث ووجود قرحة لاتلتئم ولاتستجيب للعلاج وتغيير من عادات التبرز ووجود دم من البول أو البراز وأي نزيف مهيلي غير عادي وتعرف غزير وغير طبيعي خصوصا في الليل وتغيير في شكل ولون خال أو شامة من الجلد.
انتقلنا بعد ذلك الى الدكتور مدحت فارس استشاري الاورام في المستشفى السلطاني لنستفسر منه عن اعراض سرطان الثدي حيث قال :
عادة تلاحظ السيدة ظهور كتلة في الثدي او و ورم صغير غير عادي تكشفه هي بنفسها وغالبا ماتكون غير مؤلمة كما يحدث في بعض الأحيان سيلان دموي أو مصلي من حلمة الثدي أو إنكماشات في الجلد ويصبح مشدودا على بعضه مثل قشر البرتقال.
إضافة إلى تضخم الغدد اللمفاوية وخاصة تحت الإبط.
ولكن الجدير ذكره هنا أن بعض هذه الأعراض قد تكون ذات اسباب لاعلاقة لها بالسرطان أو قد تكون ناجمة عن أورام حميدة غير مؤذية المهم هو عدم الإهمال وعدم الشعور بالخوف والقلق ومراجعة الطبيب.
وعن اهمية اكتشاف المرض مبكرا قال الدكتور مدحت:
هناك عدة طرق للفحص والذي يساعد المريضة ويساعدنا على السواء في إكتشاف الإصابة في وقت مبكر وأهمها:
الفحص الذاتي والذي يجب أن تقوم به المرأة بنفسها عن طريق تحسس الثدي بواسطة باطن كف اليد بحركات مستديرة للتأكد من عدم وجود ورم أو كتلة وصولا تحت الإبط.
حيث يجب ان تقوم به المرأة بشكل دوري شهريافي الاسبوع التالي لانتهاء الدورة الشهرية من عمر 20 سنة فما فوق.
اما بالنسبة للفحص الدوري لدى الطبيب المختص فيجب ان يكون كل ثلاث سنوات من عمر 30 سنة وما فوق والفحص الإشعاعي (ما مو جرام) سنويا لعمر 40 سنة وما فوق.
*كيف يتم عادة الكشف عن الإصابةبسرطان الثدي ومتى يجب مراجعة الطبيب؟
المرأة هي أهم شخص قد تكشف لنا عن إصابتها بأي ورم فهي الوحيدة القادرة على مراقبة نفسها واكتشاف أي تغيير أو ألم في جسدها وذلك عن طريق إلتزامها بأنواع الفحوصات التي ذكرناها سابقا وخاصة الفحص الذاتي الشهري.
والمهم هو أنها في حال شعرت بأي عارض من الأعراض المذكورة التوجه إلى الطبيب فورا فهو الوحيد القادر على تحديد ما إذا كان هذا التغيير ناجم عن ورم حميد أو خبيث.
في حال ثبت أن هذا الورم أو التغير في منطقة الثدي ناجم عن ورم خبيث
نقوم بأجراء الفحوصات اللازمة للمصابة لمعرفة نوعه ومرحلته بعد ذلك تأتي الخطوة التالية وهي ما نعتبرها الأصعب علينا في مهنة الطب ألا وهي إعلام المريضة بنبأ اصابتها.
حيث نتبع أسلوب تمهيدي لإعلامها وليس دفعة واحدة ، ونشرح لها عن نوعية العلاج والاعراض التي قد تعانيها أثناء العلاج.
أما العلاج فهو عدة أنواع:
اولها الجراحة : حيث نعمل على استئصال الورم عن طريق إجراء عملية جراحية، ثم نعطي المريضة العلاج الكيميائي وذلك للتقليل من نسبة رجوع المرض وقد يستخدم قبل اجراء العملية وذلك للتقليل من حجم الورم .
بعد ذلك يأتي دورالعلاج الشعاعي : ويستخدم خاصة بعد العمل الجراحي لتقليل احتمال الانتكاس كذلك العلاج الكيميائي: ويستخدم في الحالات المتقدمة والتي تترافق مع انتقالات للمرض من عضو لآخر وبعد الاستئصال الجراحي والعلاج الهرموني.
*هل يسبب العلاج الكيميائي ألما ؟
إذا أعطى العلاج الكيميائي عن طريق الحقن عبر الوريد فشعوره مثل شعور سحب الدم من أجل فحص الدم أما إذا أعطى عن طريق الفم أو الحقن تحت الجلد أو في العضل فإنه لايختلف عن الأدوية الأخرى التي تعطى بهذه الطريقة.
ولكن يكون هناك اعراض جانبية تشعر بها المريضة نتيجة اخضاعها لهذا العلاج ومنها :
الغثيان والقيء وشعور بالتعب والإرهاق وفقدان الشعر وهبوط في عدد كريات الدم البيضاء والتهاب في الفم والحلق وبعض التأثيرات على الجلد مثل احمرار في الجلد وظهور بقع داكنة ولكن اغلب هذه الاعراض يمكن الوقاية منها بالعلاج الوقائي المصاحب للعلاج الكيميائي ، و تختفي تدريجيا بعد توقف العلاج علما بأن ليس كل المرضى يتعرضون لهذه الاعراض .
*هل تتوفر كل أنواع العلاج في السلطنة ام أنه في بعض الأحيان يتم إرسال بعض الحالات الى الخارج ؟
اننا نؤكد ان كل انواع العلاج متوفرة في السلطنة ولا تحتاج المريضة للسفر لتلقي العلاج حيث ان كل ماتحتاجه متوفر في مستشفيات السلطنة وبأحدث المعدات والتقنيات الموجودة في الخارج بالاضافة الى اصحاب الاختصاص المشرفين على ذلك ، كما أوجدت وزارة الصحة عدة وحدات للعلاج الكيميائي في المستشفيات المرجعية في مختلف مناطق السلطنة (الرستاق، صحار، نزوى، إبراء، صور، صلالة، عبري) والتي يتم فيها إعطاء هذا العلاج ، مما يسهل على المريض وذوية مشقة السفر الى العاصمة مسقط ، اضافة الى أن وزارة الصحة تغطي تكلفة العلاج على نفقتها الخاصة.
*هل هناك احتمال معاودة المرض بعد العلاج منه ؟
ان امكانية الإصابة مرة اخرى بعد العلاج أمر وارد كلما كانت الفترة قريبة من العلاج بمعنى آخر انه في خلال السنة الاولى من فترة العلاج نسبة الانتكاس من جديد مرتفعة وتقل هذه النسبة كلما بعدت الفترة عن العلاج وكانت حالة المريض مستقرة.
ولكن نسبة الشفاء التام من سرطان الثدي أمر وارد خصوصا في الحالات التي يتم الكشف عنها في مرحلة مبكرة من الإصابة.
*علم أن المريضة كثيرا ما تعاني سواء من المرض أو من العلاج ، لكن ماذا عن معاناتكم أنتم؟
طبعا، تمر المريضة في مرحلة صعبة حيث يلزمها الدعم النفسي من الأهل ومن الطبيب أيضا، أما بالنسبة لنا فمهنة الطب أولا وأخيرا هي مهنة إنسانية وتعاطينا مع المريضة يكون على هذا الأساس فنحن نشعر بآلامها ومعاناتها ونعمل قدر المستطاع على مساعدتها لتتخطى كل المراحل التي يمر بها .
*هل عمليات تجميل الصدر والمواد المستعملة من أجل ذلك (سيليكون ، ماء وملح ...) لها أثر أو عامل مسبب في المرض؟
كلا على الاطلاق أن هذه المواد لا تسبب اي خطورة للاصابة بالمرض .
كما أنه يتوفر اليوم عمليات إعادة تصنيع للثدي للحالات التي تستدعي الاسئتصال وهي عمليات تجميلية فائدتها معنوية وجمالية.
*نسمع أن بعض الادوية الهرمونية تتسبب بالإصابة بهذا المرض ، هل هذا صحيح؟
ان الادوية الهرمونية مثل مادة الايستروجين وحبوب منع الحمل وأدوية أعراض سن اليأس من الممكن أن تكون من العوامل المسببة ولكن هذا لا يعني أن كل امرأة تستخدم هذه الادوية قد تصاب به بل نقول من الممكن.
في نهاية الحوار قدما الدكتور باسم والدكتور مدحت عدة نصائح اجمعا من خلالها على ان تثقيف المرأة ووعيها بهذا المرض أمرا ضروريا ،كما ان تدربها على كيفية أجراء الفحص بشكل دوري إضافة إلى أخذ صورة اشعاعية مرة في السنة .كذلك الامتناع عن الكحول والتدخين والتقليل قدر الإمكان من الأطعمة الدسمة والدهنية والإكثار من الأطعمة الغنية بالخضار والفاكهه مع المحافظة على الوزن السليم والرياضة
*لماذا امكانية الشفاء من سرطان الثدي امر وارد اكثر من غيره ؟
اولا _فهم طبيعة المرض اذا ان الاطباء فهموا طبيعة هذا العدو الذي يحارب الانسان من داخله ومتى نفهم عدونا نستطيع محاربته والقضاء عليه .
ثانيا _ التطور العلمي والمتقدم في مجال الادوية والعلاج حيث ان الادوية والتي اصبحت متوفرة اليوم مثل ادوية الاجسام المضادة احادية الفصيلة ( الهرسبتن ) (HERCEPTIN ) لم تكن متوفرة فيما مضى .
أخيرا وليس أخرا أن خطورة مرض السرطان حقيقة لامفر منها حيث يؤدي بصاحبه إلى حد مواجهة مصيره في هذه الحياة ولوبشكل مبكر ولكن مع وجود العزيمة والأمل والعلاج الحديث والمتطور أصبح بالإمكان التحدث عن الشفاء من هذا الداء أو على الأقل إطالة عمر المريض أكثر مما يحتمه عليه المرض . ولم يتوقف الأطباء يوما عن البحث الدؤوب في مراكز الإبحاث لمعرفة أسرار هذا المرض وسبل القضاء عليه ففي كل يوم نسمع عن دواء جديد وعلاج يحمل بين طياته املا جديدا لمرضى السرطان. وعلى أمل أن يصبح هذا الداء حكاية منسية في كتب التاريخ علينا أن نتسلح بالعلم والمعرفة لنحارب هذا العدو المجهول كما ينبغي الإيمان بأن المرض والشفاء إنما هو بيد الخالق فلا السرطان