** يجيب الدكتور سعيد محمد صالح صوابي. أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين جامعة الأزهر: روي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي "صلي الله عليه وسلم" مر علي قبرين فقال: "إنهما ليعذبان. وما يعذبان في كبير. أما هذا فكان لا يستبرئ من البول. وأما هذا فكان يمشي بين الناس بالنميمة".. ثم دعا بعسيب رطب. فشقه باثنين. ثم غرس علي هذا واحد وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا".. العسيب "الجريدة التي لم ينبت فيها خوص. فإن نبت فهي السعفة.
وفي حديث مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي "صلي الله عليه وسلم" أمره أن يقطع غصنين من شجرتين كان النبي "صلي الله عليه وسلم" يستتر بهما عند قضاء حاجته. ثم أمره أن يلقي الغصنين عن يمينه وعن يساره. حيث كان النبي "صلي الله عليه وسلم" جالساً. ولما سأله عن ذلك قال: "إني مررت بقبرين يعذبان. فأحببت بشفاعتي أن يرفعه عنهما مادام الغصنان رطبين".. شرح النووي جـ 18 ص .144
وهناك قصة ثالثة رواها ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي "صلي الله عليه وسلم" مر بقبر فوقف عليه فقال: "أتوني بجريدتين" فجعل إحداهما عند رأسه. والأخري عند رجليه.
وأكثر من قصة وردت في وضع الجريد علي القبر. والعلماء في مشروعيته فريقان.. فريق يقول إنه خاص بالنبي "صلي الله عليه وسلم". وليس مشروعاً لغيره.. وفريق يقول: إنه عام لكل المسلمين.
فالخطابي في شرح سنن أبي داود "جـ1 ص42" يستنكر وضع الجريد علي القبر لغير النبي "صلي الله عليه وسلم". الطرطوش يعلل ذلك بأنه خاص ببركة يده "صلي الله عليه وسلم". ويد غيره لا يجزم ببركتها. وابن رشيد يستنتج أن البخاري مع هذا الفريق. وذلك حيث عقب الحديث بقول ابن عمر: إنما يظله عمله. وذلك في فسطاط.. بيت من الشعر أو غيره.. وضع علي قبر عبدالرحمن بن أبي بكر. حيث قال: انزعه يا غلام. فإنما يظله عمله. والقاضي عياض ينضم إلي هذا الفريق ويقول: إن غرسهما علي القبر سببه أمر مغيب. وهو قوله "ليعذبان".